Thursday, December 10, 2020

السفيرة د. مها أباظة تكتب : الشعب المصري السهل الممتنع على مر العصور


لا شك أن الثورات التي قام بها الشعب المصري على مر العصور و التي لم يكن بها تمييز ديني أو عرقي أو سياسي أو طائفي، قد أثرت تأثيراََ كبيراََ على شخصيته و طريقة تفكيره، فالإنسان المصري بكل ما يحمله من حضارة و تاريخ تميز كثيراََ عن المجتمعات الأخرى مما جعل من الصعب بمكان وصف شخصيته.
إنه شخصية مركبة شديدة التعقيد متعددة الملامح ، شخصية مفتونة بالحداثة، مهاراته لم تتأتّ بيسر، إنّه مبدع في كل شيئ رغم الفقر.. إنه صاحب حشد من المشاريع منها النقدية والسياسية والإبداعية و فناناََ متألقا َ ، هو معادلة صعبة تفوق في الإمساك بها.
شخصية المصري تتحول دائما بشكل كبير نتيجة للتحول التاريخي المستمر، فنجدها تتنقل ما بين النزعة الدينية و النزعة السياسية، و النزعة الخاضعة، و النزعة المستميتة.. إنه طراز خاص من البشر فيه الطابع الأصولي موجوداََ بشدة بل و مميزاََ على مر العصور.
كذلك تعامله في المواقف الإنسانية و الممارسات السلوكية تجده مختلفاََ فيه طعم الروح المصرية و قيمها، لذلك هو دائما مختلفا َ لا يمكن السيطرة عليه و لا يمكن استهدافه.. إنه السهل الممتنع في كل شيء.
الذات المصرية التي تجمع بين الفهلوة و الإيجابية ووجهات النظر المتباينة صعبة الخضوع جداً ، فالمصري بطبعه يجمع الكثير من الصفات المميزة : "الطيبة، الذكاء، القوة، السخرية، العاطفة، التدين، المرح، الأصالة" كل هذه الصفات جعلته شعباََ منفرداََ صعب تقليده أو توقعه لأنه صاحب المفاجآت.. إنتماء المصري لعدة حضارات سواء الفرعونية أو اليونانية أو الرومانية و تنوع الديانات جعلت منه شعباََ مميزاََ بعدة ثقافات، رغم قسوة الحياة في الطبقات الفقيرة..إنه مجموعة من الشعوب في شعب واحد.
حفظ الله مصر و شعبها ليسترشد بها العالم نموذجاً غير مسبوق رغم بساطته.