Thursday, August 6, 2020

السفيرة د. مها أباظة تكتب : التفكير الإبداعي و دوره في دعم الثقافة.


نشط البحث في ميدان التفكير الإبداعي بعد تفوق روسيا في مجال بحوث الفضاء في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين و إطلاقها أول قمر صناعي، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإنماء الإبداع و تنمية مهارات التفكير الإبداعي نتيجة للصراع الدائم بينها و بين روسيا، و اجتهدت في أن تولد أفكاراً لم يتوقعها أحد الأمر الذي تطلب مهارات أساسية ترتبط بمكونات التفكير الإبداعي الذي يشمل مجموعة من الأسس الهامة مثل :

** الطلاقة "fluencey" التي من خلالها تستدعى الأفكار داخل إطار كبير نسبياً كتعمدك في موقف معين يحدث في حياتك الشخصية أو في عملك أو مجتمعك أن تدرب نفسك جيدا على استنباط أكبر قدر من الأفكار في موضوع معين و تناقشها مناقشة جماعية بشكل تفاعلي حتى تنتج كمية من الأفكار و الاستنتاجات لم تكن تتوقعها تتوجه نحو الإبداع الأدبي و الثقافي الحديث بتجلياته الرائدة.

**  المرونة "flexibility" و هي مهارة الفرد في توليد حلول أو أفكار تنبثق من أفكار أخرى تقليدية و تشجيع تلك الأفكار البديلة، و من أهم البرامج التي استخدمت في تنمية الفكر ما يعرف بالطريقة المجازية "synectics"  حيث يستخدم المجاز أو الاستعارة لتنشيط مجموعة من الأساليب البديلة للتفكير في المشكلات و توالد مجموعة من الأفكار الأدبية الجديدة.

** الأصالة "orginality" أي أن تكون الفكرة الإبداعية ذات قيمة فريدة و قابلة للتطبيق العملي و إنتاج كل ما هو جديد متميز و غير عادي، و هذا يتطلب تقويما من الفرد نفسه لأن المبدع الذي يتميز بالأصالة ينبغي أن يكون قادراً على الاستجابة لكل فكرة حديثة أو مستحدثة.

التدقيق "elaboration" و هي مهارة عرض و تناول الفكرة الإبداعية الجديدة و تطويرها بإجادة و حبك، و أن يضيف لها التفاصيل و بكامل بين العناصر المترابطة المختلفة في وحدة ذات معنى و ينتج منها قصة أو رواية أو مقالة.
كل هذه المهارات الأربعة تعمل و تتجانس مع بعضها لتشكل نشاط إبداعي متميز.

و في ضوء ذلك عرف "جيلفورد"  التفكير الإبداعي على أنه : عملية إنمائية يتم فيها تناول الأفكار بأساليب تتميز بالطلاقة و المرونة و الأصالة و التدقيق، و تحدد في ضوء 3 مكونات رئيسية و هي :
1- المعرفة في ميدان معين.
2- الدافعية و مساهمة الفرد في ميدان المعرفة.
3- المهارات المتعلقة بالإبداع.

و حددت "كاثرين باتريك" في كتابها "ما هو التفكير الإبداعي" سلسلة من المراحل التي يتنامى في سياقها التفكير الإبداعي و هي : التأهب، و التحضين، و التجلي، و التحقق.

و كل هذه المراحل تحدد المسار الذي يأخذه التفكير الإبداعي ليشكل نشاطاً كليا في دعم الثقافة الإبداعية و هي نقطة أساسية في دعم ثقافة الفرد و خلفيته و تفريغ إحساسه في صورة إبداعية تقود الأمم نحو التقدم و الرقي،. و كل نص غالبا ما يكون وليد تجربة إنسانية عميقة متداخلة الأبعاد فيها العاطفي و السياسي و الجمالي، و كل ذلك يوظف العقل للتعامل مع قرار معين يستخدم فيه معرفته في إنتاج ثقافي مفيد و نافع إما للشخص أو للمجتمع الدولي،. لذلك يمكننا القول أن أول الإبداع فكرة.