Monday, October 10, 2022

عصام الدين صقر يكتب: إشكالية الشاعر بين الإلهام و الاستلهام "إضاءة نقدية"

إشكالية الشاعرية بين الاستفهام والاستلهام 
إضاءة نقدية على بعض قصائد ديوان ( ليه اتغير طعم الشاى؟ )  للشاعر المتميز الأستاذ (  علي الصروي  )  .
قبل الحديث والإجابة عن السؤال الرئيسى والأهم فى ديوان اليوم ( ليه اتغير طعم الشاى ؟ ) يجب القول أن كتابة الشعر هى كتابة إبداعية تأتى كمحاولة من الذات الشاعرة لمحاكاة الواقع بالشعر دون الهدف إلى نسخه أو مطابقته ،فشاعر العامية هو من يستقى لغته من الواقع ليضفى عليها نوعا من التخييل بما يمنحها شاعريتها لتنماز عن بقية الأجناس الأدبية الأخرى ،فإذا كانت تلك هى الميزة الأساسية للكتابة فإن الأجناس الأدبية تحتل موقعها على المحدد المركزى بمحورى الواقع والمتخيل بصفته مرجعا أساسيا لفضاءات الإبداع ،بيد أنه عند تعرض النقد لتلك الأشكال الإبداعية نجد أنها تجعل من اللغة وسيلة إنشاء ، وهنا هى ليس افضل من قربها لتصويرية الواقع ،سيما حين طرح الأسئلة المسكوت عنها لتستدعى حينها بعض التقنيات البلاغية مثل ( التناص والمحاكاة ) .
ولعل أبرز تلك الأسئلة المرتبطة بقضايا الإبداع هى ،ماذا نقرأ؟ وكيف نقرأ؟ وكيف نؤول نصا ؟ وما حدود هذا التأويل ؟ إلى غير ذلك من الاسئلة المتناسلة بعضها من بعض ، وعن اول ملاحظنا فى ديوان اليوم ،هو أن القصيدة عند شاعرنا  تأتى كاشفة عن مهارة التعبير الجدلى وذلك من خلال تلاشى الحدود بين فواصل التاريخ ومعالم المكان ليحل الشعر عنده فى الكون بين جضفتى الوزن والقافية نائبا عن روحه الدؤوب بما يمكن القول معه أنه خلق لواقع رؤيوى ذات طوابع الاستفهام والاستلهام كمرآة عاكسة لذاته ،فلا يلبث أن يحل محل الواقع العاجز كما نجد أن قصيدته يصاحبها دوما سيطرة المكان والكائن والكينونة بشكل تداخلى بين ثلاثتهما ،وهنا يتأتى الاحتياج إلى تأويل النص دون أن تكون خبيرا بآليات الرمزية الغير متشكلة فى القصيدة بالقصدية ،فقد باشر الشاعر المباشرة على نحو تحديد مناط الشعرية فى التركيب لتأتى معظم الجمل فى شكلها التقريرى أو الخبرى بصيغة التعجب والاستفهام .
الملحظ الثانى هو ميزان الجمل عنده بشكل سليقى ذات إيقاع رشيق فى موسيقاه الداخلية .
وهنا يطل علينا الشاعر الإنجليزى ( تشارلز منفس ) ليذكرنا بمقولته الشهيرة ( الشعر علم دقيق شأنه شأن الهندسة تماما ) .
أما عن ثالث ملاحظة فهى عدم تدقيق الكلمات  والأخطاء الإملائية خصوصا فيما يتعلق بالتفرقة بين الهاء المفتوحة والتاء المربوطة وربما رجع ذلك إلى دار الطباعة ،كما وجد استخدام حرف واو العطف بكثرة حد الإسراف فى متن القصائد .
وإلى التعليق على بعض القصائد المختارة ففى أول قصيدة يلقى الشاعر بصباح جميل على مصر الوطن الغالى .
والعتبة الرئيسية في العمل والاستفهام الأول فى قصيدة ليه اتغير طعم الشاى ؟ وصور متتالية وتناص مع  مفردات الزمن الجميل إسقاطا  على  طعم الشاى زمان .
ومع قصيدة الطبخة استوت وهى قصيدة ذات مسحة زجلية ساخرة ،ومع الزجل مرة أخرى وقصيدة عاتية بعنوان أوجاع ، لنجد أن شاعرنا مشحون بطاقة شعرية كبيرة تجلت فى قصيدة سحر الحب ،ومع الاستفهام مرة أخرى وقصيدة هندسة الحب التى يطلب فيها الشاعر على الصروى من حبيبته أن تسأله هى سؤالا صريحا دون تعقيدات ،ومع الاستفهام مرة ثالثة فى قصيدته لمحة على الزمن الجميل فيقول استفهاما فى مطلعها أيضا أاااه لو الضحكة دى م البشر رايقة ؟ والحياة تصبح جميلة مش متضايقة ، والاستفهام فى المرة الرابعة يتجلى أيضا فى قصيدة الأمة العربية فيطرحه الشاعر حين يقول : بسأل يا ناس الصبح فين الاقيه ؟ . 
وعلى ضوء قراءتنا للديوان أعجينا كثيرا تنوع الأفكار والرؤى مما يدلل على ثراء النبض والدفقات الشعورية لدى الشاعر بل وصدقها الشديد .
واخيرا أقول بتميز الديوان وجمال معانيه واستحقاقه للقراءة والاقتناء متمنيا له دوام التوفيق والنجاح ولكم بقراءة شيقة ممتعة
أطيب التمنيات وأصدق الدعوات 
الناقد / عصام الدين صقر
عضو اتحاد الأدباء والمبدعين العرب
الزقازيق شرقية فى ١٠/ ١٠/٢٠٢٢