Saturday, July 25, 2020
Tuesday, June 30, 2020
د. مها أباظة تكتب :جبر الخواطر أهم عند الله من الصلاة
عندما نتحدث عن مصطلح “عبادة” فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام و الزكاة وبر الوالدين و الحج إلي بيت الله الحرام وغيرها من العبادات التي تتبادر إلى الذهن بشكل معتاد ، ورغم عظمة شأن هذه العبادات إلا أن هناك عبادة عظيمة لابد أن يتصف بها كل مؤمن ليكتمل دينه، ألا و هي “جبر الخواطر”.
وجبر الخواطر هو خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وسلامة صدر صاحبه ، يجبر المسلم فيه نفوساً وقلوباً مكسورة وأجساماً أرهقها المرض، و ضعفاء يحتاجون ليد حنونة تمتد إليهم و تخفف عنهم ألآم الحياة و قسوتها ، يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”.
ومما يعطي هذا المصطلح جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسني وهو “الجبار” وهذا الإسم بمعناه الرائع يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فهو سُبْحَانَهُ و تعالى “الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ”. تفسير أسماء الله للزجاج (ص: 34).
و قد كان جبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: “اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني”. سنن الترمذي.
ومما يؤكد جبر الخواطر في القرآن الكريم:
قوله تعالى : {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يوسف:15
هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لتثبيت قلب يوسف –عليه السلام- ولجبر خاطره؛ لأنه ظلم من أخوته والمظلوم يحتاج إلى جبر الخاطر، لذلك شرع لنا جبر الخواطر المنكسرة.
ومثله قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }القصص:85
لذلك لابد من استعداد الفرد دائما في جبر خاطر كل شخص لتكتمل عبادته على أكمل وجه، فما نقدمه للآخرين من عطاء مؤكد سيعود لنا بأعظم منه، و ما نبخل به على الآخرين، أو تقسو به قلوبنا، سيكون الجزاء من جنس العمل لأن الله جبار القلوب.
Sunday, June 28, 2020
لا تلقوا بإيديكم إلى التهلكة
حفظ النفس شرط من شروط العبادة.
وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: «أيها الناس، أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله، وعرضه».
و من هذا يتضح القيمة الحقيقية للفرد في الحفاظ على نفسه من الأذى و المرض، و ان حفظ النفس و الروح أمر الله تعالى في كل وقت ، وهو حق مقدس لا يحل انتهاك حرمته ولا استباحة حماه.
هو ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله عن ابن مسعود رضي الله عنه: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لاإله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه البخاري ومسلم.
ومن حرص الإسلام على حماية النفوس أنه هدد من يؤذيها او يستحلها بأشد عقوبة.
فيقول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
Monday, June 15, 2020
حسناتكم حصاد ألسنتكم
يقولُ الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24} تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {25} وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ {26} يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء {27}﴾ سورة إبراهيم.
لقد جعلَ اللهُ الكلمةَ الطيبةَ مَثَلاً للشجَرةِ الطيبةِ التِي أصلُها ثابتٌ وفرعُها فِي السماء.
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ أي تُعطي ثَمرَها كلَّ وقتٍّ ﴿وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون﴾
﴿وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ﴾ أي استؤصِلَت جثتُها، وحقيقةُ الاجتِثَاثِ أخذُ الجثَّةِ كلِّها، ﴿مَا لَهَا مِن قَرَار﴾ أي استقرار.
ثم أخبرنا اللهُ سبحانه بأنه يثبت الذين ءامنوا فقال ﴿ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي يُديمُهم عليه بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وهو قولُ لا إلـٰه إلا الله محمّدٌ رسولُ الله حتّى إذا فُتِنوا فِي دينِهم لَم يَزِلّوا، كما ثبَّتَ الذين أرادَ أصحابُ الأخدودِ فِتنَتَهم فلم يُفتنوا، ﴿وَفِي الآخِرَةِ﴾ يُثبّتهُم كذلك أي يُثبّتهُم فِي قبورِهم بتلقين الجوابِ وتمكينِ الصواب..
فعنِ البراءِ بنِ عازبٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذكرَ قبضَ روحِ المؤمنِ فقال: ((ثم تُعادُ روحُهُ في جسدِهِ فيأتيهِ ملَكان فيُجلسانِهِ في قبرِهِ فيقولانِ له: مَنْ ربُّك وما دينُك ومَنْ نبيُّك، فيقولُ ربّيَ الله ودينِيَ الإسلامُ ونبيّيَ محمّدٌ صلى الله عليه وسلم فيُنادي منادٍ مِنَ السَّماء ( أي الملك من الملائكة مبلغًا عن الله ) أنْ صدقَ عبدِي فذلك قولُه:﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ثم يقولُ الملكان عِشتَ سعيدًا ومُتَّ حَميدًا نَم نومةَ العروس)) رواه أبو داودَ والحاكم.
﴿وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ﴾ فلا يُثبّتهُم على القولِ الثّابت في مواقفِ الفِتَن وتَزِلُّ أقدامُهم أوَّلَ شىء وهم في الآخرةِ أضَلُّ وأزلّ، ﴿وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء﴾ فلا اعتراضَ عليهِ في تثبيتِ المؤمنين وإضلالِ الظالمين وهو الحَكَمُ العدلُ الذي لا يُسئلُ عمّا يفعل وهم يسألون .
Saturday, June 13, 2020
السعادة شعور معد
لا تستخف بمعاناة غيرك حتى لا تتبدل الأدوار
لا شك ان من أسوء المواقف المؤلمة في الحياة أن يستخف شخص بمعاناة شخص آخر، و ربما يسخر منه أو من ألمه لأنه لا يشعر بما يمر به، و يعد هذا من صفات قسوة القلب، و المؤمن الحقيقي لا يكون قاسياً و لا حاداً..قد تحدث هذه الأشياء في عدد قليل من البشر، و لكنها موجودة في هذه الحياة.
و كما أن الصحة والعافية نعمة من الله،. فإن رقة القلوب هي الأخرى نعمة تمنع المؤمن من ارتكاب الأفعال المؤذية التي تغضب الله و منها قسوة القلب و عدم الشعور بالآخرين.
كل معاناة او مرض أو أي ألم في الإنسان جسدي أو نفسي هو ابتلاء و اختبار من الله تعالى للشخص،. و قد يكون منحة سيدركها البعض في وقت آخر، لكنها في كل الحالات تسبب الألم للإنسان و تصيبه بالضعف،
لذلك أقل حقوق الإنسانية أن نكون رحماء القلوب بالآخرين، و يد حنونة تساعدهم و تلطف بهم في محنتهم، و ان نبذل قصارى جهدنا لنخفف عنهم و لو بالكلمة الطيبة، و لنعتبرها صدقة لله تعالى، و كل عند الله بحساب و أجر .
إدراك الفرد لهذه الأمور الدينية يمنعه من الغفلة و القسوة على الآخرين فلا يؤذيهم حتى لو لم يشعر بآلامهم، أما من امتلأت قلوبهم بالقسوة و أخذهم الغرور بقوتهم و اعتقدوا أن شيئاً يدوم فقد أخطؤوا خطأ كبيرا، و ارتكبوا إثما عظيما، و لابد أن تدور عليهم الدوائر و يمرون بنفس آلام من سخروا منهم أو طعنوهم بخنجر ألسنتهم.
ولقد وضع الإسلام كثيراً من المبادئ والأسس التي من خلالها تُصان المشاعر وتراعى الأحاسيس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء).
لذلك تعلم ان تستمع للغير و تحترم تلك المشاعر الإنسانية و الظروف التي يمر بها غيرك ، و اظهر اهتمامك بهم، و اسألهم عما يحتاجونه، و كن حسن الخلق، و ابتعد عن كل ما يؤذي مشاعر الآخرين حتي لا يضعك الله في نفس الموقف، و لا تعتقد أن الله سيضيع فعلك الطيب ، بل هو رصيد لك في ميزان حسناتك سيعود إليك بالخير.
و لا تنسى "رحم الله امرء هين لين"