Monday, July 25, 2022

د. عاطف جودة يكتب : مهن ريفية "الحلقة الستون"


عن الذي كان في الريف زمان
الحلقه الستون
مهن ريفيه
7-عمال ماكينه الدراوه
ينتظر الفلاحون موسم الحصاد ليجنوا ثمار تعبهم وعرقهم ويوفروا القوت والمصاريف لأولادهم.
ومع حر شهر مايو كل عام يبدأ حصاد القمح الذي يمر بمراحل ثلاث؛ حصاد عيدان القمح، الدرس، والتدريه لفصل حبات القمح عن التبن.
الحصاد يبدأ دائما من وقت الضحى وكان يتم يدويا بالمنجل، وكانت الاسر تتزامل مع بعضها لتوفير الوقت والجهد، رجال وشباب وسيدات وصبايا يعملون معا في حقل واحد على  أصوات السيدات والفتيات يرددن اغاني الحصاد في إيقاع جميل وتمتزج هذه الاغاني مع حبات العرق التي تتساقط من الجباه مختلطه بالفرحه، فالقمح يعني العيش والفطير المشلتت والبليله وفطيره الذره وقرص الرحمه والكعك الاحمر، وعندما يأخذ التعب ماخذه يهرعون الي ظل شجره التوت الوارفه عند الساقيه يروون عطشهم من جداول الماء المنسابه حولهم ويأكلون حبات التوت الرائعه التي تتساقط من فوقهم. 
الان يتم الحصاد اليا دون عناء يذكر ودون اغاني. 
ثم يبدأ درس أعواد القمح، وقد شاهدت في صبايا الباكر النورج البلدي وهو يستخدم في درس القمح، والنورج عباره عن اسلحه حديده دائريه يوضع فوقها دكه يجلس عليها رجل اوصبي يجرها بقره او جاموسه لتدور فوق أعواد القمح، طبعا كان هذا الأمر يستغرق وقتا طويلا، الان يتم الدرس باستخدام دراسه ميكانيكيه في وقت قصير.
واول جرار زراعي وماكينه دراسه في القريه احضرها المرحوم عبد السلام واصل ثم تبعه المرحوم حلمي حواش. 
الدراوه، هي فصل حبات القمح عن التبن، ومرت بمراحل كثيره عاصرتها، الدراوه باستخدام المدراه- وهي عصا خشبيه طويله في نهايتها خمسه أصابع خشبيه-كان يمسكها الفلاح وينثر بها التبن في اتجاه الريح، فيذهب التبن بعيدا مع الهواء ويبقى القمح لثقل وزنه، واعتقد ان هذه المدراه منذ قدماء المصريين ،ثم كانت مرحله استخدام ماكينه الدراوه التي تضم عده غرابيل من السلك باقطار متفاوته يتم تحريكها  بسرعه بواسطه عده تروس باستخدام يد يديرها احد العمال فيخرج التبن مندفعا من أعلى في اتجاه الريح وينزل القمح من أسفل.
وكان يعمل على ماكينه الدراوه عمال كثيرون، منهم من يدير الماكينه، ومنهم من يضع القمح والتبن، ومنهم من يغربل القمح، كل ذلك في وقت واحد، ومن أشهر من عمل في هذه المهنه محمدي ابراهيم ابوعدس، الشحات ابوقاسم، محمد ابو سلامه رحمهم الله جميعا، ولن انسى ليله قمريه صافيه قمنا فيها بتدريه محصول القمح الخاص بنا في جرن الشيخ أحمد ابوعدس، وكان ذلك يتم نظير نسبه من المحصول، ظل هذا الأمر قائما حتى ادخل المرحوم كامل عرفات موتورا يدير هذه الماكينه بدلا من تحريك  الأفراد لها .
مرت الايام واصبحت الأمور كلها آليه، حصد ودرس وتدريه وتعبئه تبن في وقت واحد وراحت ايام اللمه والونس والأغاني وراحت بركه القمح التي كان ياخذها الصغار وقت الدراوه وكنا نسميها الباروكة ويأخذها الغلابه ومن هم على باب الله.
وغدا حلقه جديده ان شاء الله