Tuesday, May 12, 2020

السفيرة د. مها أباظة تكتب :الواقع و الحقيقة منحنى متكامل


يظن الكثير أن الواقع و الحقيقة لهما معنى واحد بينما لكل منهما منحى مختلف يكمل الآخر. 

فالواقع هو أمر ملموس فعلياً ، بينما الحقيقة هي فكرة قد تم اكتشافها و بحثها و التأكد منها  ثم توثيقها. 

و لننظر إلى الوراء قليلاً، فالكثير من الأفكار العلمية القيمة لم تكن مقبولة منذ زمن فات ، و مع مرور الوقت أصبحت حقيقة موجودة و مطبقة بالفعل في واقعنا الملموس ،. لذلك فإن الواقع ليس حقيقة ما يحدث، بل هو نتيجة لأفكارك و مفاهيمك و رؤيتك و معتقداتك، كما أنها طريقة تفسيرك لما تراه و يحدث أمامك من كثير من الأمور و طريقة ترجمتك لها في عقلك الباطن. 

 تحدث الكاتب الفيلسوف الإنجليزى الشهير "هربرت برادلي" عن فكرة الصلة بين الحقيقة والواقع و التي هى محور «المظهر والواقع»، و الذي رأى الواقع فيه بأنه وحدة لا انفصال فيها بل استقرار وانسجام وهو شامل لكل شيء، أما الفكر فمهمته هى الفصل بين عناصر هذا الواقع كل على حدة ثم إعادة الجمع بينها، و أن الحقيقة وجه واحد فقط من أوجه الواقع. 

لذلك فإن الواقع الذي ندركه أو نعيشه، ليس انعكاسًا مباشرًا للحقيقة و لا للعالم الخارجي، إنما هو نتاج أفكارنا و الإشارات الحسية التي نرسلها للعقل الباطن ، و بالتالي فإنها تغير  من مفاهيمنا و حتى سلوكنا و ردود أفعالنا اتجاه الأشياء التي تحدث في حياتنا. 

أي أننا لا نرى الأشياء كما هي، بل نراها كما نحن رتبناها و صنعناها بأفكارنا. 

و قال الفيلسوف "ويليام جيمس" أنه يمكن لأي إنسان ان يغير حياته، إذا ما استطاع ان يغير أفكاره و معتقداته،. و هذا دليل آخر على أن كل شيء في الحياة هو فكرة يتبناها الفرد بطريقة ما و بأسلوبه الشخصي فتتجسد في صورة ذلك الواقع . 

لذلك تأمل جيداً في هذه الكلمات "الواقع ليس حقيقة ما يحدث، و لكنه حقية ما تبنيه أنت من محض خيالك فيركز في عقلك" ، لذلك إبنِ الأساس الصحيح دائمآ في كل الأمور لتحقق النتيجة النهائية التي ترجوها.