Saturday, April 18, 2020

فنان عالمي يعالج أبناؤه بالرسم

قبل عشرين عاماً، أغلق أوليفيه بيته على نفسه، وعلى ولديه المصابين بالتوحد، وعاش في عزلة اختيارية مدة عشر سنوات كاملة، عازماً على معالجة أبنائه بالرسم.

حكى أوليفيه عن هذه المرحلة من حياته في إحدى لقاءاته بتأثر شديد، ففي معرضه الذي أقامه لأول مرة في القاهرة في" جاليري بهلر" ، عرض لوحات تتميز بثيمات محددة لمعظم شخوصه أعين شاخصة، أو نظرات محدقة للفراغ، للبعيد.. حتى لو كانت الشخصية مشغولة بشيء آخر، مثل مداعبة حيوان أليف، تظل عيونها شاخصة للأعلى.

 وعند سؤال أوليفيه عن شخصياته، من هم؟ وإلى ماذا يحدقون؟  قال : إنهم ربما ينتظرون الأمل، أو المستقبل، الذي لابد سيأتي محملاً بالخير. 

وعلى الرغم من أن أوليفيه رسم كثيراً نفسه، وزوجته، ووالديه، إلا أنه قال إنه يرسم الإنسان، في نفسه، وفي زوجته، وأولاده.. وهذا أكثر ما يهمه، بل هذا ما يمثله له الفن، فهو لا يرسم سوى موضوعات إنسانية، يمكنها أن تمس أي إنسان في العالم، فما يجمع بين البشر، أعمق مما يفرق بينهم، فالحزن والألم والحب واليأس والأمل، هذه موضوعات إنسانية خالصة، توحد بين البشر، مهما كانوا.

نشأ الفنان أوليفيه جاردين في حي بالفيل الباريسي، وهو حي يتميز بتنوعه الإنساني، حيث يعيش فيه أعراق وديانات مختلفة، وعبّر أوليفيه عن سعادته الشديدة بنشأته في هذا الحي، حيث تربى وسط أفارقة وعرب وإيطاليون و صينيون، وهذا ساهم في ثرائه الإنساني، وجعله قادراً على التسامح مع جميع الناس، مهما بلغت درجة اختلافهم.. لأن هذا المزج بين الثقافات هو ما يرسم لوحة ثرية ونابضة للحياة، حيث لكل لون، لكل خط ونقطة، وحتى مساحات الفراغ، دور في تشكيل هذه اللوحة، واكتمالها.

رسم أوليفيه منذ سن الرابعة، كل ما وقعت عليه عيناه، وفي المدرسة، اكتشف فان جوخ، وكان أول فنان سبب له حالة من الصدمة، ثم بعد ذلك، بدأ باكتشاف العديد من الفنانين الذين أحبهم أيضاً، مثل سوتين،ومودلياني، وغيرهما.

و بدأ محاولاته برسم الوجه ومن ثم تعبئته بألوان مختلفة، وخلال مراحل حياته الأولى، كان أوليفيه منشغلاً برسم بورتريهات لفنانين مختلفين، بالإضافة لرسم موضوعات كلاسيكية، لكن الحدث الدرامي الذي غير حياته، وجعله يهتم بالموضوعات الإنسانية، حيث صارت فيما بعد شغله الشاغل، هو إنجابه لولدين مصابين بالتوحد، حيث قضى معهما عشر سنوات محاولاً، ليلاً ونهاراً، أن يقوم بعلاجهما، مستخدماً الفن والرسم والألوان، إضافة للمحبة الأبوية، في أجل تصوراتها.

في لوحات أوليفيه، لاحظت تركيزه على ثيمة مهمة، وهي مسألة (تدوير الحب) فقد رسم طاقة الحب التي يتم تدويرها، الرجل يمنح زوجته حباً، تمنحه بدورها لطفل، أو لحيوان أليف تحاول ترويضه. 

و قال ان :  أن الفن قد فتح لي أبواباً كثيرة، حيث عرضت لوحاتي في أهم المتاحف بباريس، بالإضافة إلى أني أستقبل الحب من أناس مختلفين في جميع أنحاء العالم.