Wednesday, April 22, 2020

هل الكورونا داء أم ابتلاء؟


هل الكورونا داء أم ابتلاء؟ 
سؤال أعتقد أنه دار في فكر الكثير من الناس هذه الفترة، هل فيروس الكورونا مجرد مرض تفشى ام هو ابتلاء من الله لعباده لكثرة ذنوبهم التي باتت ملحوظة للمتقين. 
فلندقق في قوله تعالى :

وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ .

النحل 112

لا شك أن وقوع البلاء من السنن الكونية الطبيعية اختباراً للعباد وتخفيفا لذنوبهم و رفع لمنزلتهم عند الله.. قال الله تعالى :

 ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). 

وقال تعالى( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). 

و قد وردت كلمة الابتلاء و مشتقاتها في القرآن سبعاً وثلاثين مرة، وهي من المفردات التي يكثر تداولها في كتب التفسير.

و لو تأملنا الآيات لوجدنا أن كل ما فيها قد حدث، و لكن سبب حدوثه هو لأمر لا يعلمه إلا الله، إنه السر الإلهي في حدوث ما لا يستطيع أي إنسان إدراكه أو معرفته، نعم يمكننا أن نتنبأ بأن سبب ما نحن فيه هو من فعل أيدينا، كما في قوله سبحانه:
 
"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]." 

و أى مصيبة تحدث للإنسان ، قد تكون ذنوب و أخطاء على ابن آدم، يريد الله ان يكفر بها عنه عذاب الآخرة حتى يدخل جنته، وأكمل الناس إيمانا أشدهم إبتلاء قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه. 

لذلك لا يمكن لأحد منا تحديد سبب نزول البلاء هل هو لرفع الدرجات و مضاعفة الحسنات، أم هو عقوبة معجلة بسبب كثرة المعاصي و التقصير في حق الله سواء في العبادات أو المعاملة مع الخلق. 

 في كل الحالات تلك الابتلاءات هي تكفير عن الذنوب و المعاصي و ما علينا إلا التسليم و الدعاء. 

فوائد الابتلاءات في ديننا الإسلامي : 
................ 
تكفير الذنوب ومحو السيئات . 

• رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة.

 فتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله. 
• تقوية صلة العبد بربه.

• الشعور بالمرضى والإحساس بالآمهم و أوجاعهم. 
 
• تزيد من قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لاينفع ولا يضر الا الله . 

• تجعلك تدرك حقيقة الدنيا و أنها لا تساوي شيئاً. 
أثناء وقوع البلاء ينقسم الناس إلي فئات مختلفة 

الأول:  يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله و هذا بجرم من ثواب الصبر و حسن الظن بالله فيحرم الخير. 
الثاني :  يقابل البلاء بالصبر  و الذكر وحسن الظن بالله. 
الثالث: البلاء بالرضا والشكر وهو متيقن أن لا مردة لأمر الله فيزيد بحمده و إيمانه بالتسليم للقضاء و القدر. 
و لكي لا يرهق الإنسان نفسه بالتفكير في الأمر، لابد من معرفة بعض الأمور :

أولاً: أن يعلم أن هذا البلاء مكتوب لابد وقوعه و يتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه سواء بالعلاج أو القرب من الله و الذكر للتخفيف. 

ثانياً: أن يعلم أن كثيراً من الخلق مبتلى بنوع من البلاء كل بحسبه و درجته و لايكاد يسلم أحد فالمصيبة عامة , ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته. 


 أن يدرك أن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد : 
- قال – صلى الله عليه وسلم - : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم " صحيح الترمذي للألباني 2/286
أن الابتلاء إشارة من الله فتح له بها باب عظيم من أبواب العبادة من الصبر والرجاء , وانتظار الفرج. 

أن يفكر أنه ربما يكون مقصر وليس له الكثير من الحسنات، فأراد الله أن يرفع منزلته و يكون هذا العمل سببا فى في دخول الجنة. 

قد يكون الإنسان غافلا معرضاً عن العبادات فيريد الله به خيرا ليقترب و يدعو و يقرأ القرآن. 

ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب : 

(1) الدعاء: و هو من أكثر العبادات التي تخفف على النفس همومها و تدفع عنها البلاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.
 
(2) الصلاة: و هي السلاح الثاني الذي يقاوم به الإنسان لحظات ضعفه، فيهرب إلي الله ليلتقي به في الصلوات الخمسة و يدعوه، فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  اذا حزبه أمر فزع الى الصلاة رواه أحمد. 

(3) الصدقة" وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة"، و هي تكف عنك الأذى ما دمت تنوي أن تتصدق بنية زوال البلاء، كما إنها تريح النفس المتعبة عندما تجد من هم أسوء منك حالا فلا يحصلون حتى علي قوت يومهم . 

(4) تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين"، لا يعرف تلك المتعة زلا من كان في أزمة او ابتلاء و قرأ آيات الله فهدأت نفسه و طابت أوجاعه و خف ألمه، القرآن حروف من نور تشفي الصدور و تجلي الهموم و تقوي الضعيف في الشدائد. 


لا يقلق من كان له رب قادر رحمن رحيم يحي و يميت و هو علي كل شيء قدير، فإذا كانت تلك صفاته فلما القلق؟ فلنسلم و ندعوا أن يزيل الله الغمة، فزن بعد العسر يسرا.