و قد ورد النهي عن طلب الشهرة وحب الظهور، والتماس ذلك وطلبه حتى لو كان لباس يلبسه الإنسان، او ثوب جديد، فقد ورد من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه" رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة" رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
والمقصود بثوب الشهرة: الثوب الذي يشتهر به الإنسان بين الناس بذاته وشخصه، فيدفعه ذلك للكبر والعجب بالنفس، وقد يؤدي لاحتقار الآخرين، ولما كان هذا الفعل محرماً، كان جزاء مرتكبه أن يلبسه الله (ثوب مذلة) معاملة له بنقيض قصده، ويقاس عليه كل فعل من الأفعال الذاتية التي يسعى الإنسان لفعلها لكي يراه الناس ويذكروه ويلهجوا باسمه، وهذا يختلف عن طلب الشهرة لبضاعة أو تجارة بذاتها.
عن سفيان الثوري قال: "إياك والشهرة؛ فما أتيت أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة"
وقال إبراهيم بن أدهم: "ما صدق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة".
وقال بشر بن الحارث: مَا اتقى الله من أحب الشهرة".
وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: "الخير كله أن تزوى عنك الدنيا، وَيُمَنَّ عليك بالقُنُوع، وَتُصْرَفَ عنك وجوه الناس".
و لا شك أن من سنن الله في البشرية: اختلاف الطبقات الاجتماعية بين الناس، وعلو بعضهم على بعض في أمور الرزق ، ولكن الفيصل أن الله أعلم بمن اتقى قال تعالى:[وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍهم
وقال جل وعلا[وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ]
وهذا التفضيل أمر مقدر من قبل ولادة الإنسان، والمنهج الشرعي في مثل هذا هو التسليم والرضا بالرزق و النصيب ، بل وعدم النظر للنفس باحتقار، بل وحتى نهى الشارع عن مدِّ النظر إليهم إعجاباً قال سبحانه:[وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى] .
فعلى من يراهم أن يسلِّم و يحمد الله سبحانه وتعالى، ويرضى بما قسم الله له ويسأله القناعة، ويعلم أنها أرزاق مقسومة، وأن الغنى غنى النفس، وأن المباهاة والاستعراض هي صفة من عاقبه الله مباشرة كقارون، انظروا لحاله وحال من شاهده ثم العقوبة، وبعدها [فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ].